1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المسلمون السنة في إيران.. شكاوى من تضييق مستمر

١٢ أبريل ٢٠٢٤

منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، تواجه الأقليات العرقية والدينية في إيران ضغوطاً سياسية بحسب تقارير مختلفة، ومنهم المسلمون السنة الذين يشكون منذ عقود من تعرضهم لقمع منهجي وعدم وجود مساجد خاصة بهم لممارسة شعائرهم.

https://p.dw.com/p/4eXlI
صلاة ودعاء صورة رمزية
يعاني المسلمون السنة في إيران من قمع سياسي موجه ضدهم وفق تقارير حقوقيةصورة من: MIZAN

مثلهم مثل بقية الأقليات العرقية والدينية، يواجه المسلمون السنة في إيران، الذين يشكلون حوالي 10% من السكان بحسب التقديرات، تمييزًا منهجيًا على نطاق واسع، ًوفقا لتقارير إخبارية ومنظمات حقوق الإنسان. 

مظاهر التضييق

ومن أهم مظاهر هذا التضييق ـ حسب تلك التقارير ـ القيود على ممارسة الشعائر الدينية، ومنعهم من بناء مساجدهم الخاصة بحرية، ومواجهة مضايقات في ممارسة شعائرهم الدينية علنًا، كما وتعرضت العديد من مساجد السنة للإغلاق أو الهدم من قبل السلطات الإيرانية، كما منعت إقامة صلاة الجمعة في بعض مساجد السنة بعدة مدن إيرانية. أيضاً، يواجه الأطفال السنة صعوبة في الوصول إلى التعليم الديني، كما يتم استبعادهم من المناصب الأكاديمية العليا في المؤسسات الدينية.
ويؤكد تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنه تم توثيق العديد من حالات التمييز ضد السنة في إيران، بما في ذلك القيود على حرية الدين والتعبير والتجمع.

منظمة العفو الدولية بدورها أدانت في تقرير منفصل التمييز ضد السنة في إيران، ودعت إلى اتخاذ إجراءات دولية لحماية حقوقهم. 
كما وثق المركز الدولي للعدالة الحقوقية في تقرير وقائع ما أسماها بـ"الانتهاكات المنهجية" لحقوق الإنسان ضد السنة في إيران، بما في ذلك القتل خارج القانون والاعتقال التعسفي والتعذيب.

ووفق ما هو معلن، يتمتع السنة في إيران بحرية ممارسة شعائرهم الدينية، وتمنحهم المادة 12 من الدستور الإيراني معاملة متساوية إلى حد كبير مع الشيعة. وفي تصريحات سابقة للصحفي والكاتب الإيراني بهمن نيروماند لـ DW قال إن "إيران أكدت مراراً وتكراراً على أنها لا تميز بين السنة والشيعة، لكن من الناحية العملية، فإن السنة في إيران في وضع غير جيد".

كثيرون في إيران حُكم عليهم بالإعدام، وينتظرون تطبيق الحكم.

يذكر أنه في عام 2016 أعلن عن الحكم بإعدام 27 شخصاً من السنة بحسب ما ذكرت الحملة الدولية للسجناء السنة في إيران. ووفقاً للمركز الدولي للسياسات العامة، فإن السجناء متهمون بارتكاب جرائم ضد الأمن القومي، من بين أمور أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، هناك الاتهام المتكرر بـ "العداء لله". وبحسب المركز الدولي للسياسات الإسلامية، فإن المعتقلين قالوا إنهم كانوا يتحدثون فقط عن الإسلام السني ويوزعون الكتب الدينية السنية.

وأعرب جاويد الرحمن، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، عن قلقه في تقريره الذي قدمه في يناير/كانون الثاني عام 2022 بشأن انتهاكات حقوق الأقليات الدينية في إيران، وأشار على وجه الخصوص إلى الإغلاق القسري لدور العبادة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وقمع مسيرة البلوش السنة للدفاع عن منطقة تستخدم لصلاة الطائفة السنية.

تضييق على مساجد السنة

مع مرور حوالي 45 عاماً على تأسيس الجمهورية الإسلامية في إيران، لا يزال السنة هناك لا يملكون مسجداً خاصاً بهم في العاصمة طهران للاحتفال بالأعياد وإقامة صلواتهم اليومية المشتركة، كما تقول الناشطة النسائية فاريبا بلوش لـ DW.

لكن وكالة مهر للأنباء  ذكرت في تقرير نشر عام 2015 أنه "عقب انتشار شائعة عدم وجود مسجد لأهل السنة بطهران وهدم مسجد ومصلى لأهل السنة في العاصمة ، فقد أوضح مركز متابعة شؤون المساجد أنه يوجد 9 مساجد لأهل السنة في طهران، كما ذكر المركز أن هدم مركز باسم مصلى كان بسبب نقض القانون وتغيير استخدامه، وأن هذا المركز كان يعمل لترويج بعض الأفكار المتطرفة."

ولدت فاريبا بلوش وترعرعت في عائلة سنية في محافظة سيستان وبلوشستان شرق إيران، حيث ما يقرب من نصف سكان المنطقة البالغ عددهم 3.2 مليون نسمة على الحدود الباكستانية الأفغانية هم من السنة، وينتمون إلى الأقلية السنية في إيران ذات الأغلبية الشيعية، وتضيف الناشطة بلوش: "نحن مظلومون بسبب مذهبنا"

وتعيش الناشطة النسائية في المنفى في لندن منذ أربع سنوات، في محاولة لإعطاء صوت للمضطهدين في وطنها. 

وتوضح: "لا يسمح للسنة في إيران بشغل مناصب سياسية مهمة. لا يمكن أن يصبح أحدهم رئيساً للبلاد أو رئيساً للسلطة القضائية، أو أن يكونوا أعضاء في مجلس المحافظة على الدستور، أو أن يشكلوا أحزاباً سياسية، أو حتى أن يمتلكوا صحفاً أو مجلات. تقول بلوش بأسف: "نحن لسنا حتى مواطنين من الدرجة الثانية: ليس لدينا أي حقوق تقريبا"،.

وفي تقرير سابق انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات الإيرانية لعدم سماحها ببناء مساجد سنية في العاصمة طهران. 

وقال اثنان من السنة الإيرانيين لقناة فرانس 24 التلفزيونية الفرنسية إن السنة هناك يجب أن ينتقلوا إلى غرف الصلاة السرية إذا كانوا لا يريدون الصلاة في المساجد الشيعية. وكانت السلطات قد هدمت غرفة واحدة على الأقل من هذه الغرف في طهران. وأوضح أحد مسلمي السنة أن "بعض المتشددين الشيعة يعتقدون أن السنة ليس لهم الحق في أن تكون لهم دور عبادة خاصة بهم في بلد شيعي".

تمييز منهجي؟
تعتبر محافظة سيستان وبلوشستان واحدة من أفقر المقاطعات في إيران. بالكاد تصل أي من عائدات استخراج الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز إلى سكان المحافظة، كما لا توجد في البلدات والقرى الصغيرة في المحافظة مدارس ولا كهرباء ولا إمدادات مياه.

عمال الإنقاذ بعد الفيضانات في مقاطعة سيستان وبلوشستان، إيران - 10/03/2024
تعتبر محافظة سيستان وبلوشستان واحدة من أفقر المقاطعات في إيرانصورة من: Iranian Red Crescent Society/ZUMA Press Wire/picture alliance

 وبسبب الجفاف المستمر وسوء إدارة المياه في الزراعة، فإن المياه شحيحة للغاية. وتعاني المحافظة، فضلاً عن مناطق أخرى على حدود البلاد - حيث يعيش العديد من السنة - من الحرمان من الخدمات الأساسية بشكل منهجي.

وتشمل الأقليات السنية في إيران التركمان في الشمال الشرقي، والأكراد في الغرب، والعرب في الجنوب الغربي، والبلوش في الجنوب الشرقي. ومن بين ما يقرب من 1.6 مليار مسلم في جميع أنحاء العالم، يقدر أن 85 إلى 90 في المئة هم من السنة. إلا أن الشيعة يشكلون الأغلبية في العراق وأذربيجان والبحرين وإيران فقط. 

وفي إيران، كان التشيع دين الدولة منذ القرن 16، لكن لأسباب تتعلق بسياسات القوة والصراع مع الإمبراطورية العثمانية السنية، أعلن الشاه إسماعيل، مؤسس السلالة الصفوية في إيران، أن التشيع هو دين الدولة. ومن أجل تعزيز دفاع البلاد ضد العثمانيين، استغل الصراع الأيديولوجي الطائفي وقدم الشاه إسماعيل نفسه على أنه حامي الشيعة.

ضغوط من الحكام الشيعة 
يعد العالم الديني الشيعي الفقيه حسن يوسفي إشكيفاري الملقب بالحجة الإسلامية أحد أبرز الباحثين الإسلاميين في إيران. كتب إشكيفاري استجابةً لاستفسار DW : "تطلب الحكومة الشيعية في إيران من الأقليات السنية في البلاد الطاعة والولاء التامين".

موقع سيستان وبلوشستان
هنا على الحدود تعيش الأقلية البلوشية السنية المذهب

وبسبب موقفه النقدي تجاه رجال الدين في إيران، حكم على إشكيفاري بالإعدام في محاكمة سرية في عام 2000 من قبل "المحكمة الخاصة لرجال الدين". وألغت محكمة الاستئناف الحكم بعد عام، كما أطلق سراحه من السجن في عام 2005. ثم غادر البلاد ليعيش في المنفى في ألمانيا.

يقول إشكيفاري: "منذ ثورة 1979، تقوم السلطات بمحاربة وقمع أي نوع من تنوع الرأي"، مضيفاً: "هذا يؤثر على الأقليات الدينية مثل السنة والصوفية والبهائيين، وكذلك الشيعة ذوي الآراء المعارضة، الذين يتم تفسير معتقداتهم على أنها معادية للشيعة في الجمهورية الإسلامية".

وتابع: "بالإضافة إلى السلطات السياسية والدينية في وسط جمهورية إيران الإسلامية، هناك علماء شيعة آخرون يدعمون القيود المفروضة على السنة في إيران. ويرجع رفض بناء مسجد سني في العاصمة بشكل رئيسي إلى الضغط الخفي في كثير من الأحيان من قبل السلطات الدينية من المركز الشيعي للبلاد في مدينة قم. إنهم يستخدمون تأثيرهم غير الرسمي وبشكل سري لمنع ذلك".

"مذبحة 30 سبتمبر/ أيلول 2022"
تزايدت الضغوط على الأقليات السنية في السنوات الأخيرة. خلال الاحتجاجات الوطنية عقب وفاة

جينا مهسا أميني في مخفر الشرطة، تحولت زاهدان، عاصمة مقاطعة سيستان وبلوشستان، إلى مركز للاحتجاج. ولعدة أشهر، اجتمع المحتجون كل ّأسبوع بعد صلاة الجمعة في الشوارع. 

تقول الناشطة بلوش: "لن ننسى أبدا مذبحة 30 سبتمبر/ أيلول 2022 ". في ذلك اليوم، تم قتل أكثر من 80 شخصًا في زاهدان في غضون عدة ساعات، حيث أطلقت قوات الأمن النار على الناس الذين تجمعوا في الشوارع بعد صلاة الجمعة حول المسجد الكبير الوحيد للسنة في زاهدان. 

وقالت الناشطة الإيرانية: "تم قتل المسلمين المؤمنين أمام هذا المسجد في بلد إسلامي لأنهم كانوا يحتجون بسلام. هذا يظهر وحده أي حقوق مدنية تحصل عليها الأقليات السنية.. لا توجد هناك أي حقوق".

بعد الاحتجاجات التي رفعت شعار "امرأة، حياة، حرية"، ارتفع عدد عمليات الإعدام في إيران بشكل كبير. كان خُمس الأشخاص الذين أعدموا في إيران في 2023 والبالغ عددهم 834 شخصا على الأقل من الأقلية السنية البلوشية. وهو ما يعد نسبة عالية بالنسبة للسكان الإيرانيين،حيث أن واحدًا من كل عشرين ينتمي إلى الأقلية البلوشية.

أعده للعربية: علاء جمعة

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.