1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها

٢٦ أبريل ٢٠٢٤

تتعرض تركيا، صاحبة ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، لانتقادات كثيرة بسبب خطواتها المنفردة. لكن وفقًا للخبراء، فإن تركيا وحلف شمال الأطلسي، على الرغم من التباينات، لا يمكن لأي منهما الاستغناء عن الآخر.

https://p.dw.com/p/4f5GX
علم تركيا في مركز عمليات الناتو في بروكسل
من المعروف أن أنقرة تتبع طريقها الخاص بشكل متكرر - مما يثير السؤال: هل تتوافق هذه الخطوات المنفردة مع عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي؟ صورة من: Francois Lenoir/REUTERS

"ليست الأمور سوداء وبيضاء - بل تقع  تركيا في منطقة رمادية داخل حلف شمال الأطلسي". بهذه الكلمات، وصفت الباحثة في العلوم السياسية سيلين ناسي من مدرسة الاقتصاد والعلوم السياسية في لندن دور تركيا في حلف شمال الأطلسي. حقيقة أن تركيا تحافظ على علاقات جيدة مع روسيا والصين في السنوات الأخيرة دفع إلى تساؤل حول ولاء أنقرة لحلف شمال الأطلسي. وأثارت العديد من الخطوات الفردية التي قامت بها تركيا، مثل التدخل العسكري في شمال سوريا عام 2018 أو تأخيرانضمام فنلندا والسويد للحلف، نقاشات في الغرب حول ما إذا كانت تركيا جزءًا من الحلف أم لا.

ثاني أكبر جيش في الحلف

أُجبرت تركيا، مثل العديد من الدول الأخرى، على التخلي عن حيادها التقليدي بسبب التهديد السوفيتي فعندما طالب ستالين بأراض تركية، لجأت أنقرة إلى حماية حلف شمال الأطلسي وأصبحت عضوًا فيه في عام 1952،  "تركيا هي دولة ذات أهمية لا مثيل لها بالنسبة للتحالف"، يقول زاور غاسيموف الباحث في جامعة ماينز.

وتمتلك  تركيا ، بعد الولايات المتحدة، ثاني أكبر جيش في الحلف وتؤمن الجبهة الجنوبية الشرقية وتضم مواقع جوية بارزة لحلف شمال الأطلسي مثل إنجيرليك وقونية. ويقول غاسيموف: "تمتلك القوات المسلحة التركية خبرة مباشرة في المعارك، وهي واحدة من القليل من الجيوش في حلف شمال الأطلسي التي تمتلك هذه الخبرة. وأصبحت تركيا شريكًا أقوى باستمرار من خلال التقنيات العسكرية الخاصة بها. وهذا شيء يجري فهمه بشدة الآن في الدول الغربية الأعضاء في حلف شمال الأطلسي". 

اتجاه عالمي

من المعروف أن أنقرة تتبع طريقها الخاص بشكل متكرر  - مما يثير السؤال التالي: هل تتوافق هذه الخطوات المنفردة مع عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي؟ وفقًا للخبراء: نعم - ضمن إطار اتجاه عالمي. "الاستقلالية الاستراتيجية هي مصطلح يعجب أنقرة كثيرًا. والحقيقة هي أن تركيا أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر استقلالية في السياسة الخارجية، وسيستمر ذلك"، كما تقول ناسي. وتضيف: "تركيا ليست الدولة الوحيدة التي تتخذ قراراتها بشكل متزايد بشكل مستقل. هذا نتيجة للتغيرات العالمية وتحول القوة من الغرب نحو الشرق. ولذلك، تنطبق هذه الحقيقة على جميع حلفاء الولايات المتحدة".

ويلاحظ غاسيموف "تحررًا" في السياسة الخارجية التركية منذ عقدين من الزمن - إذ انتهت "فترة اختيار إما هذا أو ذاك"، "وتشير الديناميات في العلاقات الدولية إلى أن الناس يفكرون بشكل أكثر في فئات هجينة. يمكن لتركيا أن تعمل بجانب عضوية نشطة في حلف شمال الأطلسي أيضًا على تعميق التعاون مع روسيا. لا أرى أي علامات على عدم نجاح ذلك".

ناسي تؤكد أن الغرب يستفيد في الواقع من العلاقات الجيدة لتركيا مع روسيا، على الرغم من أن هذه العلاقات تتعرض للانتقاد، وتوضح بالقول: "يجب التواصل أيضًا مع أولئك الذين لا نحبهم. ولهذا الغرض، تحتاج إلى وسطاء. وبفضل تركيا تحقق اتفاق الحبوب الذي يعتبر أيضًا مهمًا لأوروبا".

تأخر أردوغان على منح الضوء الأخضر لانضمام السويد وفنلندا للناتو
أردوغان مع حلقة صغيرة يقررون سياسة تركيا الخارجيةصورة من: Yves Herman/REUTERS

دور أردوغان

طريقة التواصل التي تتبعها أنقرة تلعب دورا في تصور تركيا كحليف، "على سبيل المثال، فإنّ الجدل حول انضمام السويد وفنلندا للحلف  تم التعامل معه من قبل الجانب التركي بطريقة إشكالية للغاية. في النهاية، أُعطِي انطباعٌ بأن تركيا دولة ترى كل مسألة خارجية على أنها مواد تفاوض. هذا أمر محزن للغاية. هذه ليست الطريقة الصحيحة لممارسة السياسة الخارجية"، تقول ناسي، وتضيف: "الأمر متعلق بحكومة يصعب التنبؤ بها". وهذه المشكلة ترتبط بدورها بعمليات اتخاذ القرار في الحكومة التركية، وتوضح ناسي: "جرى تقليص عملية اتخاذ القرارات الخارجية لتصبح بيد أردوغان ومجموعة صغيرة من المستشارين. في النقطة التي نحن فيها الآن، يقرر  أردوغان كل شيء".

صورة لأعضء منظمة شنغهاي مع قادة دول دعيت للانضمام إلى المنظمة من بينهم أردوغان.
عبّر أردوغان مرارًا عن استعداده للانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون، وهو ما يهدف، بحسب الخبراء، إلى تقليص تأثير حلف شمال الأطلسيصورة من: Sergei Bobylev/AP/picture alliance

لا انفصال في الأفق

 في السنوات الأخيرة، تعالت أصوات – حتى على وسائل التواصل الاجتماعي - تطالب بإقصاء تركيا من حلف شمال الأطلسي. وحتى في تركيا نفسها، لم تعد عضوية حلف شمال الأطلسي بديلًا لا يمكن تجاهله. عبّر أردوغان مرارًا عن استعداده للانضمام إلى منظمة شانغهاي للتعاون، وهو ما يهدف، بحسب الخبراء، إلى تقليص تأثير حلف شمال الأطلسي.

لكن الباحثة في العلوم السياسية ناسي تؤكد: "يجب على جميع الأطراف فهم شيء: من غير المصلحة لأي من الطرفين أن تترك تركيا حلف شمال الأطلسي". وتشرح أنه "في الواقع، لا تبتعد تركيا عمليًا عن حلف شمال الأطلسي على الإطلاق. إنها تؤدي جميع مهامها كحليف".

فيما يرى غاسيموف أنه "ليس لدى تركيا نية لمغادرة حلف شمال الأطلسي. إذ سيكون ذلك كارثيًا بالنسبة لحلف شمال الأطلسي نفسه".

كما توضح ناسي بالكلمات التالية مدى عدم واقعية الانسحاب: "جميع  أنظمة الدفاع في تركيا متوافقة تمامًا مع حلف شمال الأطلسي. جميع الأسلحة، والمواد، والطائرات ... تم دمج تركيا تمامًا في حلف شمال الأطلسي. حتى نحن الأشخاص العاديين نواجه صعوبة عند التحول من (استخدام جهاز) آيفون إلى (جهاز يعمل بنظام) أندرويد. لذا، لا يمكنك ببساطة تغيير نظام دفاعي بأكمله".

أعده للعربية: عباس الخشالي